للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأبي حنيفة إسقاطه في الثيبات والأبكار البوالغ الجائزات الأمور. ولأبي يوسف في اعتباره إذن الولي خاصة، ورد أصحاب أبي حنيفة دلالة هذه الآية، فقال قوم منهم: إذا كان الولي هو الزوج فكيف يقال له لا تمنع فلانة من أن تنكح والإنكاح إنما هو من فعله، فلو لم يكن للمرأة نكاح ما صح أن يقال للأولياء فلا تمنعوهن أن ينكحن. وهو لا يمنعها إنما يمنع نفسه.

وقوله: {ينكحن} فعل مضاف إليهن وإذا نهي عن المنع وجب ألا يكون له حق فيما نهي عنه من منع المرأة. ومما استشهدوا به أيضًا قوله تعالى: {حتى تنكح زوجًا غيره} ولم يذكر الولي. وهذا غلط، وإنما قال تعالى: {حتى تنكح زوجًا غيره} وقال: {ينكحن أزواجهن} إشارة إلى ما جعلت الشريعة إليهن من التفويض إلى الأولياء والرضى بالنكاح لا إلى مباشرة العقد جون الأولياء. وقد قال قوم منهم قوله تعالى: {فلا تعضلوهن} خطاب مع الأزواج لأجل ما كانوا يفعلونه من المراجعة والطلاق تطويلًا للعدة حتى تنكح المرأة فنهوا عن ذلك، قالوا: والولي غير مراد بذلك فلا حجة لكم فيها. والجواب عن هذا أن المعنى مفهوم من قوله تعالى قبل هذا {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن} الآية [البقرة: ٢٣٢] فلا فائدة في تكراره وجمل الىية على فائدة أخرى أولى. وأيضًا فإن الآية نزلت بسبب منع معقل بن يسار أو غيره لوليته من مراجعة زوجها المطلق لها فلا يعدل بمعنى لفظها عن سببها وما يحتج به لقول مالك قوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركين} يخاطب الأولياء ولو لم يكن في ذلك حق لما خاطبهم بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>