ولم يفرقوا بين أهل الذمة وغيرهم. ثم نسخ الحكم بما في التوراة، وأمر أن يحكم بما في القرآن، وقيل: حكم النبي صلى الله عليه وسلم بينهم بما في التوراة قبل أن تنزل آية الزنا، وأن هذا يقتضي الحكم بالتوراة فيما لم يجيء فيه عندنا حكم. وذهب قوم إلى أنه إنما حكم بينهم بحكم الإسلام؛ لأن الإسلام ليس بشرط في الإحصان، وأن اليهوديين والنصرانيين إذا زنيا حكم عليهما بالرجم إن كان ثيبيين، وبالجلد إذا كانا بكريين. قال الشافعي في أحد قوليه: إذا رضيا بحك المسلمين فعلى هذا يكون قوله تعالى: {فاحكم بينهم بالقسط} لا يريد به التوراة. ورجح الطبري هذا القول، قد قيل في مثل هذه النازلة: أنهما يجلدان ولا يرجمان، وروي عن أبي حنيفة وعن المغيرة من أصحاب مالك. قال أبو الحسن: وهذه الآية أيضًا تدل على أن الخمر ليست بمال لأهل الذمة ولا بمضمونة على متلفها عليهم؛ لأن إيجاب ضمانها على متلفها حكم بموجب أهواء اليهود، وقد أمرنا بخلاف ذلك لهم، لا نتعرض لهم في خمورهم، ولا في مناكحاتهم الباطلة. وقد فتح عمر رضي الله تعالى عنه سواد العراق، وكان أهلها مجوسًا، ولم يتعرض لمناكحاتهم الكائنة من قبل على اخواتهم وبناتهم ولا فرق بينهم.