عنه. فذهب قوم إلى أنه يمكن أن يقع عنه مقدور الله تعالى، وأنه لا فرق بين المعجزة والسحر إلا بالتحدي، فلو تحدى بالسحر لم يصح له شيء، وصاحب المعجزة إذا تحدى صحت معجزته وإليه يذهب أبو المعالي. وذهب قوم إلى أنه لا يجوز انتهاء السحر إلى إحياء الموتى وقلب العصا حية، وفلق البحر وإبراء الأكمه والأبرص وأمثال ذلك. ويظهر في هذا القول أن الذي يمكن أن يقع عنه ما كان من مقدورات البشر، مثل أن يرى الساحر في الهواء أو يحلق في جو السماء ويسترق ويتولج في الخوخات والكوات إذ الحركات في الجهات من قبيل مقدورات البشر، وذهب قوم إلى أنه لا يبلغ الأمر فيه إلى غريبة تزيد على التفرقة بين المرء وزوجه، وذكر أن الله سبحانه إنما ذكر ذلك تعظيمًا لما يكون عنه وتهويلًا له في حقنا، فلو كان يقع عنه ما هو أعظم منه لذكره إذ لا يضرب المثل عن المبالغة إلا بأعلى الأحوال المذكورة. وهذا الخلاف لا معنى له. والصحيح أنه إذا جاز أن يقع عن السحر بعض الأفعال جاز الجميع، ولا فرق بين فعل وفعل فإن الله تعالى هو الذي يخرق العادة عند فعل الساحر الشيء الذي يفعله، فلا فرق في ذلك بين ما هو مقدور للعبد، وغير مقدور له، فإن ما هو مقدور للعبد فه واقع بقدرة الله تعالى، فالكل واقع بقدرة الله تعالى. وإذا كان كذلك فلا فرق بين فعل وفعل، لكن إن ورد السمع بقصوره عن فعل ما وجب اتباعه ولم يوجد سمع قاطع في ذلك. وذكر التفرقة بين المرء وزوجه، ليس بنص على قصر السحر على التفرقة وفيه نظر، هل هو ظاهر أم لا؟ والمقصود هنا القطع ويحتمل أن يقال: إنما لم يذكر الله تعالى من أفعال السحر إلا التفرقة بين الزوجين لأنه من الأشياء المحرمة شرعًا. ومما له