دار الإسلام ثم عاد إلى دار الحرب فقتل ففيه الكفارة، والدية لبيت المال، وهو قول أبي حنيفة. وعنه في الأسير روايتان. ودليل مالك: ظاهر قوله تعالى: {ومن قتل مؤمنًا خطئًا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله}، فعم. وقال أبو الحسن: ذكر الله تعالى تحرير الرقبة في هذه الآية في ثلاث مواضع، والدية في موضعين، ولم يذكر الدية في قوله:{فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن}، فيحتمل أن يقال: الدية تجب لبيت المال؛ لكن لم يذكرها الله تعالى كما ذكر في الموضعين الآخرين أنها لأهل المقتول، إن لم يكن له من الأهل وارث تدفع إليه. والشافعي يقول: إذا قتل مسلمًا في دار الحرب في الغارة والحرب أو في دار الإسلام إلا أنه في الحرب والغارة، فعليه الكفارة ولا دية على ظاهر الآية. وحكى عبد الوهاب عن الشافعي أن السلم إذا قتل في الحرب خطأ ففيه الكفارة ولا دية، سواء دخل دار الإسلام بعد إسلامه أم لا، أو كان أسيرًا. وقال أبو الحسن: وهذا بعيد عن قياس الأصول؛ لأن الجهل بصفة الشيء لا يسقط ضمانه إذا كان مضمونًا، ومن أجله صار صائرون إلى وجوب الضمان، وذكروا أن السكوت عن ذكر الضمان لا يسقط الضمان، فإن قوله تعالى:{ومن قتل مؤمنًا خطئًا}، يتناول كل مؤمن؛ ولكنه إنما سكت عنه لأنه لا يجب فيه دية تسلم إلى أهل المقتول، فإن أهله كفار فأراد أن يبين بالسكوت ودلالة العموم. والسبب عندهم في نزولها أن جيوش رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تمر بقبائل الكفار فربما قتلت من قد آمن ولم يهاجر أو من هاجر