اختلفوا في ناسخه وقال ابن زيد وغيره نسخها آية القتال من قوله تعالى:{اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}[التوبة: ٥]، قالوا ونسخت براءة كل موادعة حتى يقول لا إله إلا الله. وقال ابن عباس نسخها قوله تعالى:{فلا تهنوا ولا تدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون}[محمد: ٣٥].
والذين ذهبوا إلى أنها غير منسوخة قالوا: أما آية القتال فليست بناسخة وإنما يعني بها من لا تجوز مصالحته مثل مشركي قريش ويعني بقوله تعالى: {وإن جنحوا للسلم} من تجوز مصالحته وإن كان قوله تعالى: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها} عامًا في مشركي العرب وغيرهم بآية براءة مخصصة له ولا معنى لدخول النسخ في هذا. وأما قو ابن عباس فضعيف لأن الآيتين ليس بينهما تعارض. وعلى الاختلاف في هذه الآية اختلفوا في جواز مهادنة الكفار. فلم يجز ذلك طائفة ورأوا الآية منسوخة، وقالوا إنما هو القتال أو الإسلام أو الجزية. وأجازته طائفة أخرى وإن كان على ما يؤديه المسلمون إليهم واحتجوا بالآية ولم يروها منسوخة، وبما روي أنه عليه الصلاة والسلام قد كان صالح عيينة بن حصن وغيره يوم الأحزاب على نصف ثمار المدينة حتى شاور الأنصار قالوا: يا رسول الله أهو أمر أمرك الله تعالى به أم الري والمكيدة. قال:((لا بل هو رأي لما رأيت العرب رمتكم عن قوس واحدة فأردت أن أدفعه عنكم إلى يوم)) فقال السعدان: سعد بن عبادة والسعد بن معاذ: والله يا رسول الله إنهم لم يطمعوا فيها منا إلا بشراء أو قرى ونحن كفار فكيف وقد أعزنا الله تعالى بالإسلام ولا نعطيهم