التي يعطونها عنوة فليست بداخلة في الآية وإن كان يحتمل أن يريد بالجزية الصلحيةوالعنوية أي قاتلوهم حتى يدفعوها إليكم إما صلحًا وإما عنوة. فإذا كان هذا فالجزيتان جميعًا مقبولتان في نص القرآن، وعلى الوجه الأول -وهو الأظهر- تكون الجزية الصلحية بنص القرآن والأخرى بالسنة الثابتة في ذلك. فأما الصلحية فال حد لأكثرها باتفاق، واختلف هل لأقلها حد أم لا؟ فالجمهور على أنه لا حد لها وإنما هو باجتهاد الإمام، وذهب قوم إلى أن لأقلها حدًا إذا بذلوه لزم الإمام قبوله. واختلفوا في قدر ذلك، فقال الشافعي دينار، وقال بعض المتأخرين الذي يأتي على المذهب أن أقله ما فرضه عمر على أهل العنوة يريد أربعة دنانير وأربعين درهمًا وأرزاق المسلمين وضيافة ثلاثة أيام. والأظهر على لفظ الآية أنه ليس بذلك حد وإنما فيه اجتهاد الإمام ومن حضره لقوله تعالى:{حتى يعطوا الجزية} فأطلق اللفظ ولم يخص بشيء وإنما وكله إلى الاجتهاد. وأما الجزية العنوية فاختلف في قدرها على أقوال. فذهب أبو حنيفة إلى أن أكثرها وأقلها مقدار صنف أهل الجزية ثلاثة أصناف: أغنياء يؤخذ منهم ثمانية وأربعون درهمًا، وأوساط يؤخذ منهم أربعة وعشرون درهمًا، ومن دون ذلك يؤخذ منهم اثنتي درهمًا، ومنع من اجتهاد الإمام فيها وحجته أن ذلك مروي عن عمر أنه فعله في أهل السواد.
وذهب الشافعي إلى أنها مقدرة الأقل بدينار ولا يجوز الاقتصار على أقل منه وغير مقدرة الأكثر وإنما يرجع فيه إلى اجتهاد الولاة، ودليل ذلك