من الفقير لأنه الذي له البلغة من العيش، والفقير الذي لا شيء له واحتجوا بقوله تعالى:{أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر}[الكهف: ٧٩] فجعل لهم سفينة. وبقوله تعالى:{للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربًا في الأرض}[البقرة: ٢٧٣] فإن الفقير المكسور الفقار. ومن كثر فقاره فلا حياة له. ويقول الشاعر:
هل لك من أجر عظيم تؤجره ... تغيث مسكينًا كثيرًا عسكره
عشر شياه سمعه وبصره
فجعل له عشر شياه. وإلى هذا القول ذهب الأصمعي والأنباري وهو قول الشافعي. ورجح جماعة القول الأول وردوا ما احتج به الآخرون فقالوا: أما قوله تعالى: {فكانت لمساكين}[الكهف: ٧٩] فلا حجة فيه من ثلاثة أوجه: أحدها: أنه سماهم مساكين ترجمًا وإن لم يكونوا مساكين في الحقيقة فسماهم بذلك مجازًا على جهة التحريم. ويبين هذا ما وري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((مسكين مسكين من لا زوجة له)). قالوا يا رسول الله: وإن كان ذا مال. قال:((نعم وإن كان ذا مال)) وقيل لقيلة يا مسكينة عليك السكينة، وقال عليه الصلاة والسلام:((اللهم أحيني مسكينًا وأمتني مسكينًا واحشرني في زمرة المساكين ونعوذ بالله من الفقر)). والثاني: أن يكون أضاف السفينة إليهم على غير جهة الملك كما أن العرب قد تفعل مثل هذا كثيرًا ولكن إذا كان من ذلك الشيء بسبب. ولما كان هؤلاء