والمساكين} قال بعضهم: وكل من حد في الغناء حدًا أو لم يحد فإنما هو بعد ما لا غنى له عنه من دار يحلها أو خادم وهو محتاج إليها ولا فضلة في ثمنها، ومن كان كهذا فالفقهاء مجمعون على أنه يأخذ من الصدقة ما يحتاج إليه. واختلف هل يجوز صرف الصدقة إلى الذمي أم لا؟ فعندنا أنه لا يجوز وذهب أبو حنيفة إلى أنه يجوز واستدل بعموم قوله تعالى:{إنما الصدقات للفقراء ... } ولم يخص. ودليلنا قوله عليه الصلاة والسلام:((خذ الصدقة من أغنيائهم وردها في فقرائهم)) وهذه الإضافة لا بد لها من اختصاص. وقد ثبت أنه لم يرد القبيلة ولا البلد فعلم أن المراد المسلم وعندنا أنه لا يجوز دفع الرجل صدقته لمن تلزمه نفقته خلافًا لأبي حنيفة في ذلك تعلقًا بعموم الآية. وحجتنا أنهم إذا كانت تلزمهم نفقتهم فليسوا بفقراء بعد. فمن وضع الصدقة فيهم فقد وضعها في غير موضعها، كذا ذر بعضهم الخلاف في هذه المسألة. ورأيت بعضهم حكى الاتفاق على أنه لا يجوز دفع الصدقة إليهم، وأما دفعها لمن لا تلزمه نفقته من أقاربه، فعن مالك فيه روايتان: الجواز والكراهة. وذكر أنه رؤي مالك يعطي زكاته أقاربه. وحجة الجواز عموم الآية، وليسوا بأغنياء لأن نفقتهم لا تلزم. وإذا قلنا إنه يعطي قرابته فمن أحق هم أو جيرانه الفقراء؟ أما إن كان قريبه حاضرًا معه فهو أولى وإن كان غائبًا غيبة تقصر في مثلها الصلاة. فقيل هو أولى من الجار وقيل الجار أولى وظاهر الآية التسوية لأنه إنما جعل السبب في الأخذ الفقر، فإذا تساووا في ذلك استووا في جواز الأخذ. واختلف في الزوجة هل يجوز أن تدفع صدقتها إلى زوجها؟ فمنع مالك من ذلك، وذكر ابن القصار أن ذلك عند شيوخه