إلى الحاكم أمكن أن يؤديه جاز، وإلا لم يجز لأنه قد نوى. والأظهر أن لا يجزئ -وهو قول مالك أيضًا- لأن مفهوم قوله تعالى:{إنما الصدقات} أنت يعطى لأحد هؤلاء الأصناف فتصلح بذلك حاله، وإذا كان معسرًا فترك له ما عليه من حاله بعد شيء. وقوله تعالى:{والعاملين عليها} هم جباتها وسعاتها يدفع إليهم الإمام من الصدقة أجرة معلومة بقدر عملهم وإلى هذا ذهب مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة لا يجوز لقوله عليه الصلاة والسلام:((فأردها على فقرائهم)) ودليلنا قوله تعالى: {والعاملين عليها}. ومن الناس من لا يرى للعامل إلا الثمن مما عمل تعلقًا بظاهر قسمة القرآن ولا يزاد على ذلك شيء وإن كانت أجرته تزيد على ذلك خلافًا لما قدمناه من مذهب مالك والشافعي. ومنهم من يرى أن يدفع إليه الثمن فإن أجرته أكملت له من خمس الغنيمة، وهذان القولان مبنيان على الخلاف في كيفية القسمة فهذه أربعة أقوال في أجرة العامل أصحها ما ذهب إليه مالك رحمه الله تعالى وعليه ينبغي أن تحمل الآية. واختلف هل يجوز أن يكون العامل من ذوي القربى أم لا؟ فعندنا أنه يجوز ذلك، وقال الشافعي لا يجوز، ودليلنا عموم الآية. واختلف في العبد والنصراني هل يستعملان عليها. فقال محمد لا يجوز ذلك لأنه لا حق لهما في الزكاة فإن استعملا وفات انتزع ما أخذا وأعطيا من الفيء. وأجاز ذلك أحمد بن نصر وعلى نحوه يدل مذهب ابن عبد الحكم، وحجة هذا القول عموم قوله تعال:{والعاملين عليها} ولم يفرق. وأما الغني فيجوز استعماله، والأصل في جواز ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: ((لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغاز في سبيل الله أو لعامل عليها أو لغارم أو لرجل اشتراها بماله أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق