رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم تلك المقالة لهم، وكنى الله تعالى في هذه الآية على الاستنجاء بالتطهر. ففي الآية دليل صحيح على إجازة الاستنجاء بالماء، وهي مسألة قد اختلف أهل العلم فيها. فلم ير قوم منهم الاستنجاء بالماء ورأوه بالأحجار منهم حذيفة وسعد بن مالك والزبير وقال: لعن الله غاسل أسته. وقال ابن المسيب: هل يفعل ذلك إلا النساء. وكان الحسن البصري لا يغسل بالماء. وقال عطاء غسل الدبر محدث. ولم يجز ابن حبيب الاستنجاء إلا بالماء فأما بالأحجار مع وجود الماء فلا وهو قول شذ فيه. أجاز الجمهور الاستنجاء بهما جميعًا، أجازه بالماء للآية المتقدمة والحديث، وأجازوه بالأحجار للحديث وهذا القول أحسنهما، والقول الأول مردود بالآية، والثاني مردود بالحديث، إلا أنهم اختلفوا في الأفضل على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الماء. والثاني: أنه الأحجار. والثالث: الجمع بينهما. فالأحجار لإزالة غير النجاسة والماء لإزالة أثرها. والحجة للقول بتفضيل الماء وهو الذي عليه أكثر المذاهب أن الله تعالى قد ذكر استنجاءهم بالماء ثم قال:{والله يحب المطهرين} أي يجب ذلك ما أوجب الله تعالى فهو الأفضل. وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن، والجن يستفتونه على الاستنجاء، فقال ثلاثة أحجار، قالوا وكيف بالماء. قال هو أطهر