بظاهر الحديث:((أن الميت ليعذب ببكاء الحي عليه)) وإليه ذهب عمر وابن عمر. وقد مر الكلام عليه. وهذا الذي ذكرناه هو البكاء دون النوح. فأما مع النوح فلا يجوز باتفاق. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه في غير ما حديث. واختلف العلماء فيمن يستحق اسم الصبر بعد قولهم بجواز البكاء من غير نوح. فقال قوم هو الذي يكون في حال المصيبة مثله قبلها ولا يظهر منه حزن في جارحة ولا لسان. وجاء مثل هذا عن ابن مسعود والصلت بن أشيم وشريح وابن شبرمة وربيعة. وقال قوم هو الصبر المحمود وهو التسليم للقضاء والرضا به وترك بثه للناس. فأما جزع القلب وحرق القلب ودمع العين فلا يخرج العبد من معاني الصابرين إذا لم يتجاوز به إلى ما لا يجوز له فعله بأن النفوس مجبولة على الجزع من المصائب، وحكي هذا عن جماعة من السلف منهم الحسن. وقال طلحة بن مطرف: لا تشك مرضك ولا مصيبتك. قال: وأنبئت أن يعقوب ابن إسحاق صلى الله عليهما دخل عليه جار له فقال له: يا يعقوب ما لي أراك قد انهشمت وفنيت ولم تبلغ من العمر ما بلغ أبوك؟ قال: هشمني وأفناني ما ابتلاني الله تعالى به من فقد يوسف. فأوحى الله تعالى إليه: يا يعقوب