فقالكان الأعراب يجهرون بتشهدهم فنزلت الآية في ذلك. إذا قلنا إن المراد بالصلاة قراءة الصلاة فما معنى ترك الجهر بها، وإتيان المخافتة اختلف فيه. فقيل أن لا يرفع الصوت جدًا ولا يخفض جدًا. وروي أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه كان يسر قراءته وكان عمر يجهرها فقيل لهما في ذلك فقال أبو بكر: إنما أنا أناجي ربي وهو علم حاجتي. وقال عمر أنا أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان، فلما نزلت هذه الآية قيل لأبي بكر ارفع أنت قليلًا وقيل لعمر أخفض أنت قليلًا. وقيل المعنى ولا تحسن صلاتك في الجهر ولا تسئها في السر بل اتبع طريقًا وسطًا يكون دائمًا في كل حالة، قاله ابن عباس والحسن وغيره. وقيل المعنى النهي عما يفعله أهل الإنجيل والتوراة من رفع الصوت أحيانًا، فيرفع الناس معه ويخفض أحيانًا. يسكت من خلفه، قاله ابن زيد. وقيل المعنى: ولا تجهر بصلاة النهار ولا تخافت بصلاة الليل، وهكذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((صلاة النهار عجمًا أي أتبع من امتثال الأمر كما رسم لك)) قاله ابن عباس. وكان الأبين أن يقول بين ذينك، ولكنه اكتفى بذكر أحدهما عن الآخر كما قال تعالى:{واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة}[البقرة: ٤٥] ولم يقل وإنهما. وأراد: وابتغ بين الجهر والمخافتة سبيلًا.