وروي عن الشافعي أنه لا يؤكل من الواجب شيء. وقال أبو حنيفة: يؤكل من هدي القران والتمتع ولا يؤكل سوى ذلك واحتج ابن القصار لمالك بقوله تعالى: {فكلوا منها} ولم يخص واجبًا من واجب ولا تطوع، فهو عام في جواز الأكل إلا ما قام الدليل عليه من الثلاثة الأشياء المذكورة لأنها وجبت للمساكين فلا يجوز له الرجوع ولا الأكل منها كالكفارات. واختلفوا في هدي التطوع، فعند أصحاب مالك أنه إن لم يبلغ محله لم يؤكل وإن بلغ أكل. وذهب جابر بن زيد إلى أنه لا يؤكل وإن بلغ محله، وإن أكل غرم. وذهب قوم إلى جواز أكله وإن عطب قبل محله، وقاله ابن عمر وعائشة. ومن حجة من يجيز الأكل عمومًا عموم الآية، وما عطب من هدي واجب قبل بلوغ محله جاز أكله لأن عليه بدله فلا فائدة في منعه أكله. وقد اختلف الناس في الأكل من الأضاحي ومما يجوز أكله من الهدايا. فاستحب قوم الأكل منها، وهو قول مالك والليث وغيرهما، وخير قوم من غير استحباب، منهم عطاء ومجاهد. وذهب قوم إلى أن من لم يأكل فقد عصى ويأتي على هذا أن الأكل منها واجب. وكان من تأول هذا يحمل أمره تعالى بالأكل على الإيجاب ومن استحب ذلك حمله على الندب ومن خير فيه رآه على الإباحة. ويؤيده أنه قد روي أن المشركين كانوا يأكلون ضحاياهم فرخص
للمسلمين في ذلك. فإن قلنا إنه يستحب له الأكل من أضحيته فماذا يأكل منها؟ فوسع الجمهور أن يأكل ما شاء ومما شاء من أضحيته من غير تفصيل. وذهب قوم إلى استحباب الأكل من الكبد. قال الزهري: من السنة أن يأكل أولًا من الكبد وروي عن علي أنه ذبح أضحيته فشوى كبدها وتصدق بسائرها ثم أخذ رغيفًا بيده والكبد بيده الأخرى فأكل. وقال قوم يستحب أن يأكل