للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبب هذه الآية أن امرأة من الأنصار قالت يا رسول الله إني أكون في منزلي على الحال التي لا أحب أن يراني أحد عليها لا والدي ولا ولدي وأنه لا يزال يدخل على رجل من أهلي وأنا على تلك الحال. فنزلت تلك الآية وهي محمولة على العموم في جميع الناس في كل زمان ولهذا قال ابن عباس وغيره إنه لا ينبغي للإنسان أن يدخل البيت الذي يأتيه إلا بعد الاستئناس. وجاء في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلًا قال له: أأستأذن على أمي؟ قال: ((نعم)). قال: إنما هي أمي ولا خادم لها غيري. قال: ((أتحب أن تراها عريانة؟ )) قال: لا. قال: ((فأستأذن عليها)) قال زينب امرأة أبي مسعود كان أبو مسعود إذا جاء منزله تنحنح مخافة أن يهجم على ما يكره. وقال ابن عباس تستأذن على أمك وعلى أختك وعلى كل من لا يجوز أن ترى منها عورة. وظاهر الآية وجوب الاستئذان والسلام، إلا أن المشهور من السلام أنه لا يبلغ مبلغ الوجوب. وقد اختلف في معنى قوله تعالى: {حتى تستأنسوا} فذهب بعضهم إلى أن معناه أن يعلم الداخل أن المدخول عليه لا يكره دخوله، فالاستئناس على هذا شيء يرجع إلى ما في القلب لا إلى النطق باللسان وهو الثقة بالمقصود، ورجح هذا إسماعيل القاضي وتأول عليه حديث عمر بن الخطاب في حديث المشربة. قال إسماعيل ولا بد مع ذلك من الاستئذان. وذهب ابن القاسم في جامع العتيبة إلى أنه التسليم وهو بعيد لأنه تعالى قال: {حتى تسأنسوا وتسلموا} فلو كان كذلك لكان معنى الكلام حتى تسلموا وتسلموا. وذهب جماعة -منهم

<<  <  ج: ص:  >  >>