غدر ومخالفة للقياس الأصول. فالأصل فيها الحظر، والأمر إذا صدر بعد الحظر فهو محمول على الإباحة. وفي هذا القول ضعف لأنا لا نعلم قط أن الكتابة محظورة ثم أبيحت. واختلف هل للسيد أن يجبر عبده على الكتابة إن لم يتبع ذلك منه على قولين منصوصين في المذهب. ومن حجة القول بسقوط الجبر أن الله تعالى إنما أمر بالكتابة إذا ابتغاها العبد، فدليل هذا أنه إذا لم يبتغها لم بتغ أن يكره عليها. واختلف في الخير المذكور في الآية ما هو؟ فقيل المال ولم ير من قال هذا أن يكاتب العبد إلا إذا علم أن له مالًا يؤدي منه أو من اتجر فيه.
وروي عن ابن عمر وسلمان أنهما أبيا من كتابة عبدين رغبًا في الكتابة ووعدًا باسترقاق الناس. فقال كل واحد منهما لعبده: أتريد أن تطعمني أوساخ الناس. وقيل هو الصلاح في الدين، وإليه ذهب عبيدة السلماني. وقيل هو القوة على الأداء وهو قول مالك، وهو أظهر الأقوال وقد اختلفت الرواية عن مالك في كتابة الصغير فأجازه في قول وكرهه في آخر إلا أن يفوت بالأداء. وعلى اختلاف قوله في إسلام المراهق يختلف في كتابته. ومذهب الشافعي أن الكتابة لا تصح إلا من البالغ العاقل. والأظهر من القولين المنع على قول مالك، ومذهبه في أن الخير القوة على الأداء وذلك في الأغلب معدوم في الصغار. واختلف أيضًا قوله في كتابة الأمة التي لا صنعة لها، وبجوازه قال الشافعي، وهو ظاهر الآية إن كانت لها قوة على الأداء بخدمة أو غيرها وبه قال ابن المنذر واحتج