فيه لأن الله تعالى أمره به فأشبه التخيير في وحوب الطلاق للمخيرة باختيارها نفسها. وأما من غير النبي صلى الله عليه وسلم فليس ذلك بتخيير ولا فيه شبهة منه وإنما هو عدة بالطلاق إن اختارته. وهذا أصح ما ينبغي أن يقال في الآية. وقد اختلف في التخيير والتمليك اختلافًا كثيرًا إذا لم يرد فيه نص من قرآن أو أثر. فذهب بعضهم إلى أنه لا تخيير لهما وأن المرأة لا يكون لها شيء من ذلك وإن خيرت أو ملكت. وذهب بعضهم إلى أن نفس التخيير والتمليك طلاق قبلته أو ردته، روي ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وفرق ربيعة بين التخيير والتمليك فلم ير للتخيير شيئًا ورأى التمليك واحدة بائنة وهو مذهب أبي حنيفة. وذهب جماعة إلى أن التخيير والتمليك موقوف على جواب الزوجة.
فأما القول الأول فيرده من جهة النظر أنه لو لم يكن له تأثير لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا تأثير له. والآية وإن لم تكن تخييرًا محضًا فهو يشبه التخيير كما قدمنا. وأما الثاني فيرده قول عائشة رضي الله تعالى عنها: فاخترنا الله ورسوله فلم يعد ذلك علينا شيئًا. والفرق بين التخيير والتمليك غير بين فلا معنى له. وأصحها القول الرابع وهو الذي يعضده النظر ومفهوم الآية. إلا أن الذين ذهبوا إليه اختلفوا فيما يكون قضاء الزوجة. فمنهم من جعل قضاء الزوجة في ذلك بتاتًا. ومنهم من جعله واحدة بائنة، ومنهم من جعله واحدة رجعية، ومنهم من جعله على ما قضت به إن واحدة وإن ثلاثًا، ومنهم من جعله على ما نوى الزوج مع يمينه. وذهب مالك رحمه الله تعالى إلى أنه لا قضاء للمرأة في التخيير إلا بالثلاث وأن لها القضاء في التمليك بما شاءت إلا أن للزوج أن يناكر فيه وليس له أن يناكر في التخيير بعد الدخول. واحتج بعضهم للتخيير بأنه الثلاث فقال إنما كان ذلك لأن معنى التخيير التسريح. قال الله تعالى في آية التخيير {فتعالين