فحسبك من الثقلاء أن الشرع لم يحتملهم. وأما آية الحجاب فاختلف في سببها أيضًا. فقال أنس بن مالك وغيره. سببها أمر القعود في بيت زينب، الحديث المذكور قبل. وقال فرقة في بيت أم سلمة. وقال مجاهد سببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل معه قوم وعائشة معهم فمست يدها يد رجل منهم فنزلت الآية. وقالت عائشة وجماعة سببها كلام عمر وأنه كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يحجب نساءه. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفعل وكان عمر يتابع. فخرجت سودة ليلًا لحاجتها وكانت امرأة تفرع النساء طولًا، فناداها عمر: قد عرفناك يا سودة حرصًا على الحجاب. وقالت له زينب بنت جحش: عجبًا لك يا ابن الخطاب تغرا علينا والوحي نزل في بيوتنا. فما زال عمر يتابع حتى نزلت آية الحجاب. وقد قال عمر رضي الله تعالى عنه وافقت ربي في ثلاث، منها الحجاب ومقام إبراهيم وعسى ربه إن طلقكن الحديث. وكانت عادة القوم إذا كان لهم طعام وليمة أو نحوها أن يبكر من شاء إلى دار الدعوة ينطرون طبخ الطعام ونضجه في حديث أنس. وكذلك إذا فرغوا منه جلسوا كذلك فنهى الله تعالى المؤمنين عن فعل ذلك في بيت النبي صلى الله عليه وسلم. ويدخل تحت هذه النهي سائر المؤمنين. والتزم الناس أدب الله تعالى في ذلك. قال بعضهم لما أنزل الله تعالى في أمهات المؤمنين:{وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب} خصصن بذلك دون سائر الناس. ولا يجوز أن يرون منتقبات. وكن إذا طفن بالبيت يستترن من الناس فلا يشاركن في الطواف. وأمر عمر أن لا يخرج في جنازة زينب بنت جحش إلا ذو محرم مراعاة للحجاب. وكانت قد توفيت في خلافته وما دلته أسماء بنت عميس على سترها في النعش بالقبة وأعلمته أنها رأت ذلك في بلاد الحبشة. فصنعه عمر ونادى في الناس أن اخرجوا فصلوا على أمكم. وروي أن ذلك صنع في جنازة السيدة فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم. والمتاع عام في الجميع