بهذه الآية على وجوب قبول خبر الواحد إذا كان عدلًا لأنه تعالى أمر بالتثبت في نبأ الفاسق. فنبأ العدل إذا بخلافه على القول بدليل الخطاب بوجوب العمل بخبر الواحد. قال مالك الجماهير: وذهبت القدرية ومن تابعهم من أهل الظاهر إلى أن العمل به محرم. وهذا قول فاسد ترده الأصول. إذا قلنا بقبول خبر الواحد فهل يقبل في ذلك رجل واحد أم لا؟ فذهب الجمهور إلى أنه يقبل في ذلك الواحد. وذهب الجبائي إلى أنه لا يقبل إلا خبر رجلين. وقال قوم لا بد من أربعة. ودليل خطاب الآية التي يدل على قبول خبر الواحد برد هذين القولين ويصحح القول الأول لأن الذي جاء بالنبأ المذكور في الآية إنما كان واحدًا فنهى عن قبوله فدل أن الواحد إذا كان عدلًا بخلافه، فيجب إذن على ذلك أن يقبل خبر الواحد بين الأصوليين في مثل هذ الاستدلال خلاف. واستدل بعضهم بالآية أيضًا على أن المسلمين على الجرحة حتى تثبت العدالة، وهو قول مالك وأصحابه، ورودوا بذلك قول أبي حنيفة ومن تابعه أنهم محمولون على العدالة حتى تثبت الجرحة، قالوا لأن الله تعالى أمر بالتثبت في خبر الفاسق. والمجهول الحال يحتمل أن يكون فاسقًا فيجب التثبت أيضًا في قوله، فإن حكم الحاكم قبل التثبت فقد أصاب المحكوم عليه بجهالة. فنص الآية أن الفاسق لا تقبل روايته ولا شهادته، وقد أجاز أبو حنيفة عقد النكاح بشهادة فاسقين أو محدودين، وكذلك أجاز في الشهادة على الهلال في رمضان شهادتهما، وفي الآية ما يرد ذلك. وقد اختلف في شهادة الفاسق المتأول، مثل أهل الأهواء كالخوارج وغيرهم. ومذهب الشافعي قبولها مالك وغيره