القرابة، ولما كان الموصى قد يميل لبعضهم دون بعض، وعلم الله تعالى منه ذلك أطى كل ذي حق حقه بآية المواريث، ولذلك قال النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث:((إن الله لم يكل قسم مواريثكم إلى ملك مقرب)) الحديث، إلى أن قال:((لا وصية لوارث)) فكان الميراث قائمًا مقام الوصية، فلم يجز الجمع بينهما. وأما الذاهبون إلى أن الآية عامة فيمن يرث ومن لا يرث فقالوا: إن الآية منسوخة في حق الوارثين جملة، وأما في حق من ليس بوارث، فإنما نسخ منها الوجوب وبقيت الوصية في حقهم ندبًا. وذكر المهدوي عن ابن عباس وغيره: أنها منسوخة بآية المورايث، فلا وصية للوارث تسقط جملة، ويسقط وجوبها في حق غير الورثة، وذلك بآية المواريث لأنها بينت من له حق المال وليس له غيره، ومن لا حق له واجب، فبقيت الوصية في حقه على الندب. وقال الربيع بن خثيم، وغيره: لا وصية، وقال عروة بن ثابت للربيع بن خثيم: أوصي لي بمصحفك! فنظر الربيع إلى ولده وقرأ: {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} ونحو هذا صنع ابن عمر -رضي الله عنه-. وقد اختلف في الوصية للوارث إذا أجازها سائر الورثة هل يجوز ذلك أم لا؟ ففي المذهب أنها تجوز لهم لأن نسخ الوصية إنما كان بسبب غيرهم من الورثة فإذا سلموا صحت. وقالت جماعة من أهل العلم: لا تجوز وإن أجازوها لعموم الحديث: ((لا وصية لوارث)) لا على سبيل الهبة المفتقرة إلى الحيازة. وهكذا إذا أجاز الورثة ما زاد على الثلث.
وأما الذين ذهبوا إلى أن بعضها منسوخ وبعضها محكم فقالوا نسخ