لمجلس النبي صلى الله عليه وسلم ومجلس العلم وسائر مجالس الطاعات ومنه قوله عليه الصلاة والسلام:((أحبكم إلى الله ألينكم مناكب في الصلاة وركبًا في المجالس)) وهو قول مالك رحمه الله تعالى. فعلى هذا ينبغي التفسح في المجالس وأن لا يضيق أحد على أحد أما أن يقام أحد لأحد فلا، والآية لا تقتضيه إنما تقتضي الآية التوسع في المجالس وقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام ما يؤيد ذلك. روى أبو هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال:((لا يقم أحد من مجلسه ثم يجلس الرجل فيه ولكن تفسحوا يفسح الله لكم)). وإذا كان المراد في الآية للتفسح في المجالس التوسيع فيه خاصة فمن دليل خطاب الآية يظهر ما جاء في الحديث من النهي عن أن يقام الرجل من مجلسه. وقد اختلف العلماء فيما يحمل عنه نهي النبي صلى الله عليه وسلم على أن يقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه آخر. فتأوله قوم على الندب ورآه من باب الأدب، قالوا لأنه قد يجب على العالم أن يليه أولو الفهم والنهى ويوسع لهم في الحلقة حتى يجلسوا بين يديه. فعلى هذا يكون للعالم أن يقيم من مجلس إلى جنبه أو بين يديه ويجلس فيه غيره إذا كان له وجه. وتأوله قوم على الوجوب وقالوا لا ينبغي لمن سبق إلى مجلس مباح للجلوس فيه أن يقام منه واحتجوا أيضًا بما روى أبو هريرة عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:((إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به بعد رجوعه)) قالوا فإذا كان أحق به بعد رجوعه كان أولى أن يكون أحق به ما دام فيه. قالوا: وقد كان ابن عمر يقوم له الرجل من عند نفسه فما يجلس في مجلسه. وهو راوي الحديث. والله تعالى أعلم بتأويله.