فحكى القاضي أبو محمد عبد الوهاب، عن محمد بن عبد الحكم، وبعض متأخري أصحابه: أن الشرع قد قرر أن الأشياء في الأصل على الإباحة، إلا ما استثناه الدليل. وقد قال بهذا المذهب رجال من أهل العلم.
وأكثر العلماء على خلافه، وأنه لا يعلم حكم شيء إلا بدليل يخصه أو يخضص نوعه.
وفائدة هذا الاختلاف أنه إذا وقع الاختلاف في حكم في الشرع هل هو على الحظر أو على الإباحة؟ حكم فيه هؤلاء بأنه على الإباحة. وهؤلاء ليسوا يقولون إن الأشياء في العقل على الإباحة، ولكن زعموا أن السمع أحل جميعها ثم استثنى السمع سائر ما حرم، فمتى لم ينص عل ىتحريم كان الأصل تحليله بالشرع، لا بحكم العقل. واحتجوا بقوله تعالى:{قل لا أجد في ما أوحي إلي محرمًا} الآية [الأنعام: ١٤٥] وبحديث سلمان ((الحلال ما أحل الله والحرام ما حرم الله، وما سكت عنه فهو مما يعفى عنه)). ومثل ما ذكره