من الأكل بعد النوم، ويحتمل أن يريد العدد أي صيام شهر، ويحتمل أن يريد العدد الوقت، أي شهر رمضان، ويحتمل أن يريد جميع ذلك، ويحتمل أن يريد به تعيين الصيام خاصة ولم يترجح فيه أحد الاحتمالات فهو لفظ مجمل. وقد تجاذبت أهل التفسير هذه الاحتمالات. فذهب كل فريق منهم إلى ما هو الأظهر منها عنده، ولذلك اختلفوا في معنى التشبيه في الآية هل هو منسوخ أو محكم، فذهب بعضهم إلى أنه منسوخ، وذهب بعضهم إلى أنه محكم.
والذين ذهبوا إلى أنه منسوخ قالوا: إنه كتب على من كان قبلنا أنه من نام بعد المغرب، وقيل: من صلى العتمة لم يأكل، ولم يقرب النساء بقية ليلته، ويومه حتى يمسي، ثم كتب علينا ذلك في هذه الآية، واختلف في الذين من قبلنا من هم؟ فقيل: هم أهل الكتاب، وقيل: الناس كلهم، وقيل: النصارى، كتب عليهم شهر رمضان على أن لا يأكلون ولبا ينكحوا النساء بعد النوم حتى ثقل عليهم في الشتاء فلما رأوا ذلك اجتمعوا وقالوا: نريد عشرين يومًا نكفر بها ما صنعنا، فجعلوا صيامهم خمسين يومًا، فلم يزل المسلمون على ذلك حتى نسخه الله تعالى بقوله:{أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} الآية [البقرة: ١٨٧] بسبب عمر -رضي الله عنه- أو قيس بن صرمة.