في المسافر. وإذا قلنا أنهما مخاطبان، فهل يقال إن صوم رمضان واجب عليهم أم لا؟ هذا فيه نظر، وهو مظنة الخلاف، فإن حد الواجب هذا الذي إذا تركه المخاطب عصى، والمريض والمسافر إذا تركا الصيام لم ينسحب عليهما اسم العصيان باتفاق فيحتمل أن يقال: إن الصوم واجب عليهما في رمضان لكن رخص لهما الشرع في تأخيره كالصحيح المقيم إذا تركه سهوًا أو عمدًا. ويحتمل أن يقال إن الصوم لهما في رمضان على سبيل التخيير لقوله تعالى:{فعدة من أيام أخر} فكان الواجب أحدهما لا بعينه، وقد اختلفوا هل الصوم أفضل أم الفطر أم هما سواء.
فقيل: الصوم أفضل لقوله تعالى: {وأن تصوموا خير لكم} فعم، ولما ورد من صومه صلى الله عليه وسلم من أحاديث تدل على ذلك، وهذا أحد قولي مالك والشافعي، وقيل: الفطر أفضل للحديث المتقدم وهو ((ليس من البر أن تصوموا في السفر)) ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((هي رخصة من الله تعالى فمن شاء الأخذ بها فحسن، ومن شاء أن يصوم فلا جناح عليه)) فمن جعل الفطر حسنًا والصوم لا جناح فيه، ففيه إشارة إلى أن تفضيل الفطر على الصوم، وهذا قول ابن عباس وابن عمر، وإليه ذهب عبد الملك ابن الماجشون، وقيل: بل هما سواء في الفضل لقوله صلى الله عليه وسلم للذي سأله عن الصيام [في السفر]: ((إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر)) وقد ذُكر هذا عن مالك. وقيل أفضلهما أيسرهما هو قول عمر بن عبد العزيز ومجاهد. وهذا الاختلاف عندي إنما هو عند من رأى المسافر مخاطبًا بالصوم ويلزم أن يكون المريض