للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر بعضهم عن مالك أن الآية عنده هي فيمن يدركه رمضان، وعليه صوم من المتقدم، فمن كان يطيق في تلك المدة الصوم، فتركه فعليه الفدية. وقد أنكر أبو حنيفة هذا التأويل، فلذلك لم ير على من أخر قضاء رمضان حتى دخل عليه رمضان آخر فدية. والتقدير في هذا الآية وعلى الذين يطيقونه فأفطروا لأن الفدية إنما تتوجه على الإفطار. وروي عن عكرمة أنه كان يقرأ ((وعلى الذين يطيقونه)) فأفطروا، ويترتب على ما ذكرناه من الاحتمالات اختلاف في أحكام جمة من ذلك: أنهم قد اختلفوا في إيجاب الإطعام على الشيخ الذي يطيق الصوم بعد اتفاقهم على أن الصوم ساقط فلا قضاء لقوله تعالى: {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها} فذهب بعضهم إلى أن الإطعام غير واجب وإنما هو مستحب.

وروي أنه مضطر بعذر موجود فلم يلزمه إطعام كالمريض والمنسافر، وذهب بعضهم إلى وجوب الإطعام عليه وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي والثوري والأوزاعي، وإليه هب من رأى الآية محكمة وأن الشيخ داخل تحت عمومها. وعن مالك في ذلك الروايتان، إلا أن رواية الاستحباب نص عليه، وكذا عنه رواية الإيجاب تخريج. واختلف في المراضع والحوامل إذا ضعفن على الصيام، وخفن على أنفسهن وولدهن ماذا عليهن؟ فذهب قوم إلى أنهن يفطرن ويقضين إذا فطمن أولادهن ويطعمن عن كل يوم مسكينًا، وبه قال الشافعي وأحمد بن حنبل. وروي عن مالك وذهب آخرون إلى أنهن يفطرن ولا يقضين ولكن يطعمن وهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>