واختلف في اليسير من الطعام هل يقع به فطر أم لا؟ كفلقة الحبة بين الأسنان، وغبار الدقيق، فقال في ((كتاب أبي مصعب)) في الفلقة في السهو القضاء وفي العمد القضاء والكفارة. وقال ابن حبيب: لا شيء عليه، وقال أشهب في غبار الدقيق عليه القضاء. وقال عبد الوهاب: لا شيء عليه.
والأظهر على مقتضى الآية أن يجري القليل في ذلك مجرى الكثير تعلقًا بعموم الإمساك المأمور به. وقد اختلف فيما يصل إلى الحلق والجوف من غير مدخل الطعام والشراب كالكحل من العينين والدهن من الأذن والسعوط من الانف والحقنة، ففي المذهب فيها خلاف هل يقع بذلك فطر أم لا؟ وإذا اعتبرنا لفظ الآية لم نوجب من ذلك فطرًا وإن اعتبرنا ما يفهم من مقصودها وهو عموم التغذي كان ذلك كالطعام والشراب الواصلين من الحلق.
وكذلك اختلف فيما يصل إلى الحلق، من طعم البخور هل يفطر به أم لا؟ على قولين في المذهب، وكذلك ما دهن به الرأس، فوصل طعمه إلى الحلق فالجمهور أنه لا يقع به الفطر، وبه قال الشافعي. وفي ((السليمانية)) أنه يفطر. ووجه الفطر في ذلك على ما تقدم ذكره. وقد اختلفوا فيمن وطئ أو أكل أو شرب ناسيًا على أربعة أقوال: فمذهب مالك وأصحابه أن عليه القضاء، دون الكفارة، ومذهب أبي حنيفة، والشافعي، وأصحابهما أنه لا قضاء عليه ولا كفارة. وقاله الأوزاعي، والثوري. وقيل: إنه روي عن علي، وابن عمر، أبي هريرة، مثل ذلك. ومذهب أصحاب الحديث أن عليه القضاء، والكفارة. ومذهب عبد الملك أن عليه في الوطء القضاء والكفارة وفي الأكل والشرب والقضاء