بمثلما اعتدى عليكم في الماضي، فيكون في ذلك إباحة القتال مطلقًا في كل موضع، وفي كل وقت. ويجوز الابتداء بالقتال جزاءًا على ما كان من فعلهم في ذلك الوقت ثم نسخ ذلك بالقتال مطلقًا. وقالت طائفة: هذه الآية أطلقت للمسلمين إذا اعتدى عليكم أحد منهم أو من غيرهم أن يقتصوا منه فنسخ ذلك، ورد إلى السلطان فلا يجوز لأحد أن يقتص من أحد إلا بأمر السلطان، ولا يقطع يد سارق، ولا غير ذلك. قال بعضهم: هذا إنما يكون على قول من أجاز نسخ القرآن بالسنة. وهذان القولان لمن قال: إن الآية منسوخة. وذهب جماعة إلى أنها محكمة واختلفوا في تأويلها أيضًا، فذهب قوم إلى أنه جائز أن يتعدى عليه في مال أو جرح إن تعدى بمثلما تعدى عليه إذا خفي له ذلك وليس بينه وبين الله في ذلك شيء، وحمل الآية على هذا، وإليه ذهب الشافعي وغيره، وهي رواية في مذهب مالك، والأشهر عنه أنه ليس له ذلك، وأن أمور القصاص والأموال على الحكام. وذهب مجاهد إلى أن الآية محكمةن وأن المعنى فمن اعدتى عليكم في الحرم فاعتدوا عليه وهذا أولى ما حملت عليه الآية.
ويحتج بهذه الآية على مراعاة المماثلة في القصاص. ومن ذلك مسألة من قتل بغير الحديد هل يقتل بمثلما قتل به؟ فاحتج من راى ذلك بهذه الآية خلافًا لأبي حنيفة في قوله إلا بالحديد، ولقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا قود إلا بحديدة)) واختلف الذاهبون إلى القول الأول في القود بالسهم والنار، هل يجوز أم لا؟ فالأشهر أنه يقتل بذلك. وقال ابن