والثانية: أنها شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، وهو قول ابن عباس، والشعبي، والسدي، وإبراهيم، وقال الشافعي: هي شوال، وذو القعدة وتسع من ذي الحجة. وفي رواية عنه: وتسعة أيام من ذي الحجة وعشر ليال. وليس عنده يوم النحر على هذا من أشهر الحج، وإن كانت ليلته منها. ودليل القول الأول قوله تعالى:{أشهر} وهذا من جمع القلة، وأقل الجمع ثلاثة على خلاف في هذا الأصل. ولا خلاف أنه لم يرد هنا شهرين، فلم يبق إلا أن يريد ثلاثة. وحجة القولين الأخيرين أنه إنما أراد اثنين وبعض الثالث، فجمع كما قال امرؤ القيس:
. . . . . . . . . ... ثلاثون شهرًا في ثلاثة أحوال
وقال قوم: يجوز أن لا يكون ذلك اختلافًا في الحقيقة، ويكون مراد من قال: أو ذو الحجة أو بعضه لأن الحج لا محالة إنما هو في بعض هذه الأشهر. ولا خلاف أنه لا يبقى بعد أيام منى شيء من مناسك الحج فأريد بعض الشهر بذكر جميعه كما قال -عليه السلام-: ((أيام منى ثلاثة)) وإنما هي يومان، وبعض الثالث، وكما يقال الرجل حججت عام كذا وإنما حج في بعضه. وهذا الخلاف إذا اعتبر إنما هو خلاف في العبارة فمن قال الأشهر شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، فلأنه إذا رمى الجمرة يوم النحر، فقد أحل من إحرامه ولم يفسد حجه إن وطئ بعد ذلك. ومن قال: هي ثلاثة، فلأن رمي الجمار في أيام منى بعد العشر وهي من عمل الحج ولأنه لا يجوز له أن يطأ النساء إلا بعد طواف الإفاضة. وإن لم يفسد حجه بالوطئ وله أن يؤخر الطواف إلى آخر الشهر، ولا يكون عليه دم وهو من عمل الحج