للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرب كانت عادتهم أن يجتنبوا مال اليتيم ولا يخالطوهم في مأكل ولا مشرب ولا بشيء. فكانت تلك مشقة، فسألوا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت فعلى هذا نزلت الآية رافعة لحكم غير شرعي فليست إذا بناسخة. وقال ابن عباس، وسعيد بن المسيب: سببها أن المسلمين لما نزلت: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا} [النساء: ١٠] تجنبوا اليتامى وأموالهم وعزلوهم عن أنفسهم فنزلت الآية. وقيل: لما نزلت: {ولا تقربوا مال اليتيم} الآية [الأنعام: ١٥٢] اعتزل المسلمون عن مخالطة اليتامى فنزلت الآية. وعلى هذا يمكن أن يقال إن الآية ناسخة لما فعله المسلمون من اعتزالهم اليتامى. قال بعض المفسرين: وهذا أحسن من جعلها ناسخة لقوله: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا} [النساء: ١٠] وقيل: إن السائل عبد الله بن رواحة. وأصل اليتيم الانفراد، فيصح أن يقال للمنفرد من أحد أبويه يتيم، وإطلاقه أظهر في اليتم من قبل الأب. وظاهر القرآن في أحكام الأيتام محمول على الفاقد لأبيه وهو صغير. والعرب تسمي المرأة المنفردة عن الزوج يتيمة صغيرة كانت أو كبيرة. قال الشاعر:

إن القبور تنكح الأيامى ... النسوة الأرامل اليتامى

وتسمى الرابية يتيمة لانفرادها عما حولها من الأرض، وهي الدرة التي لا نظير لها اليتيمة. وهذه الآية أصل في ابتغاء ما فيه الصللاح للأيتام فبها يستدل على أنه لا بأس بتأديب اليتيم وضربه بالرفق إذا احتيج لذلك لأن فيه مصلحة، وحسن تربية. وعلى أنه لولي اليتيم أن يعلمه أمر الدين

<<  <  ج: ص:  >  >>