للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحتمل أن يكون متصلًا بما قبله على أنه مفعول من أجله على تقدير ما يقتضيه المعنى، أو مفعول لعرضة إذا كانت بمعنى المنع، ويحتمل أن يكون منقطعًا مما قبله على تقدير الابتداء. كأنه قال أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس أحسن وأفضل ونحو ذلك، فحذف الخبر لدلالة الكلام عليه. ولأجل هذه التقديرات اختلف المتأولون في قوله: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس} فقيل: المعنى ألا تعرضوا باليمين بينكم وبين فعل البر فتجعلوها حجة مانعة من البر والتقوى، والإصلاح بين الناس يقول: إن يحلف الرجل ولا يبر ولا يصلي ولا يصلح بين الناس، إذا دعي إلى بر أو إلى تقوى أو إصلاح بين الناس. قال: قد حلفت فيجعل اليمين معترضة بينه وبين ما ندب إليه فالمعنى كراهة أن تبروا وإرادة أن لا تبروا ولأجل ذلك قال جماعة من أهل العلم اليمين لا تحرم ما أحل الله، ولا تحل ما حرم الله. فإذا حلف حالف أن لا يفعل شيئًا من البر فليفعل وليدع يمينه، ودل على هذا قوله تعالى: {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة} الآية [النور: ٢٢] وفي الحديث الصحيح ((من حلف على يمين، فرأى غيرها خيرًا منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير)). وقيل: المعنى ولا تكثروا الحلف بالله في كل شيء، وهو من الجرأة على الله تعالى، والابتذال لاسمه في كل حق وباطل، ومن أكثر ذكر شيء فقد جعله عرضة.

وقال بعض المتأولين: المعنى ولا تحلفوا بالله كاذبين إذا أردتم البر والتقوى والإصلاح بين الناس، فيحلف حانثًا ليكمل غرضه. ويقوي أن المراد بها الإكثار من اليمين بالله ما روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: نزلت في تكثير اليمين بالله نهيًا أن يحلف الرجل بارًا فكيف فاجرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>