ومن قال: إن القروء هي الأطهار وهو مذهب مالك رحمه الله، والشافعي وأبي ثور، وابن عمر، وعائشة، وزي، والقاسم، وسالم، قالوا: إذا رأت المرأة الدم من الحيضة الثالثة حلت للأزواج. وقال أشهب إلا أني أستحب أن تعجل حتى تعلم أنها حيضة مستقيمة بالتمادي فيها لأنها ربما رأت المرأة الدم الساعة والساعتين واليوم، ثم ينقطع فيجب عليها الرجوع إلى بيتها، ويكن لزوجها عليها الرجعة، واختلف الشيوخ في قول أشهب هل هو خلاف لقول مالك وتفسير له، والصحيح أنه خلاف.
ومما اعترض به أصحاب أبي حنيفة على من قال: إن الأقراء في الآية الأطهار بأن قالوا المصير إلى القول بالأطهار خروج عن ظاهر القرآن لأن القروء في اللغة تطلق على الأطهار والحيض، وهو من الأسماء المشتركة فإذا أطلق، وقد مضى من الطهر شيء فعندكم أنها تعتد ببقية الطهر، وهذا يوجب كون العدة قرءين وبعض ثالث، فإذا قلنا بالحيض كانت العدة ثلاثة قروء كوامل إذ لا يصح الطلاق في الحيض. وعند هذا اضطرب القائلون بالأطهار فذهب بعضهم إلى أن الطهر الذي وقع فيه الطلاق، وقد ذهب بعضه لا تعتد به وتستأنف ثلاث تطهيرات سواه وهو قول ابن شهاب.
وذهب غير ابن شهاب إلى أنه يعتد بالطهر، وإن مضى أكثره. واختلفوا في الجواب عن ذلك الاعتراض فقال بعضهم: القرء التنقل من حال إلى حال في المستحق بهذه التسمية على موجب هذا الاشتقاق ... الطهر يليه الحيض ويعقبه الانتقال من حال إلى حال. وقال بعضهم: غير بعيد تسمية القرأين وبعض الثالث ثلاثًا، وقد قال الله تعالى:{الحج أشهر معلومات}[البقرة: ١٩٧] وهي شهران وعشرة أيام، والظاهر من هذه الآية أن الله تعالى