في الوطء مجاز في العقد. فيجب على قوله أن يحمل قوله تعالى:{حتى تنكح زوجًا غيره} أن المراد به الوطء وما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في تميمة بنت السموأل ارمأة رفاعة حين تزوجها عبد الرحمن بن الزبير وكان رفاعة قد طلقها ثلاثًا فقالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إني لا أريد البقاء مع عبد الرحمن ما معه إلا مثل الهدبة، فقال لها رسول الله صلى الله عليهو سلم:((لعلك أردت الرجوع إلى رفاعة؟ لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك)) وإن جعلنا لفظ النكاح حقيقة فيهما، فقد ورد في الآية مجملًا، وبين صلى الله عليه وسلم المراد به من ذلك بالحديث المتقدم.
وأيضًا فإن الأخذ بأكثر ما يقتضيه الاسم أولى، وإن قلنا إن النكاح حقيقة في العقد، فقد زادت في السنة على العقد شرطًا آخر وهو الوطء لحديث رفاعة المذكور. وقد اختلف في الزيادة هل هي نسخ أم لا؟ ومن جعلها من أصحاب أبي حيفة نسخًا عسر مأخذ هذه الآية من حيث أن القرآن لا ينسخ بأخبار الآحاد. وقد ذهب سعيد بن المسيب، وإبراهيم النخعي وقوم من التابعين إلى أنه في الآية العقد دون الوطء وأن ذلك يحلها للأول.
كما حكل في قوله تعالى:{ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء}[النساء: ٢٢] على أن المراد به العقد دون الوطء، فإن كان اللفظ عندهم مشتركًا، فقد أخذوا بأقل ما يقع عليه الاسم. وإن كان حقيقة في العقد فلم يعتبروا الحديث إما لأن الحديث لم يبلغهم. وماقدمناه حجة عليهم والذين ذهبوا إلى أن المراد بقوله تعالى:{حتى تنكح} الوطء، اختلفوا في الوطء