وهذا القول مبني على أصل تنازع فيه الأصوليون. وهو نقص بعض الجملة هل هو نسخ للجملة أم لا؟ فذهب قوم إلى أنه نسخ وذهب آخرون إلى أنه ليس بنسخ، وفرق حذاق الأصوليين بين النقص الذي يغير حكم المنقوص منه حتى يرد ما كان عبادة مستعملة شرعية غير عبادة، وبين النقص الذي ليس كذلك، ورأوا في النقص الذي يغير حكم المنقوص منه نسخًا. وهذا عندي هو الصواب.
وقد تضمنت هذه الآية أن المتوفى عنها تتربص أربعة أشهر وعشرًا، ولم يفرق بين حائل وحامل. فمن الناس من حمل الآية عليهما جميعًا، ومنهم من حملها على الحائل خاصة. وقال تعالى في سورة الطلاق:{وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن}[الطلاق: ٤] فذهب قوم من أهل العلم، إلى أن قوله:{وأولات الأحمال أجلهن} إلخ في الطلاق خاصة، لكون ما قبل الآية، وما بعدها إنما هو في المطلقات خاصة، فما بينهما كذلك لا مدخل للمتوفى عنها فيها.
ومنهم من قال: هي عامة في لمطلقة والمتوفى عناه، فكلا الآيتين على القول بتخصيص الآيتين أو عموم إحداهما وتخصيص الأخرى فلا تعارض بينهما. وبحسب هذه الاحتمالات. اختلف السلف، فمنهم من حمل آية البقرة على أن المراد المتوفى عنها الحائل، وآية الطلاق على أن المراد بها المطلقة خاصة، وأخذ حكم الحامل المتوفى عنها من حديث سبيعة الأسلمية التي نفست بعد وفاة زوجها بليال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((قد حللت، فانكحي من شئت)) والحديث في ((الموطأ)) و ((البخاري))