للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيكسر الصليب ويضع الجزية قال: وهو لا يأتي إلا بشريعة محمد -عليه السلام-، فلولا أنه في شريعة محمد -عليه السلام- أن الإمام مخير لما جاز له أن لا يقبلها ولو كان قبولها منهم واجبًا إذا بذلوها لما جاز له أن يضعها، ولا يأخذها منهم. وهذا قول غريب لا يتجه إلا على القول الأول إن الآية منسوخة. وأما الاحتجاج بالحديث فيضعف لاحتمال أن قوله ((يضع الجزية)) أن يريد وضعها عليهم حتى لا يبقى منهم أحد إلا تحت الجزية. ويحتمل أن يريد ويسقطها ولا يرضى منهم إلا يالإسلام. وحكى ابن حزم الإجماع على أنه تحرم دماؤهم إذا بذلوا الجزية، وهو ظاهر قوله تعالى: {حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} [التوبة: ٢٩] وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث إلى قتالهم، أمر أن يدعوا إلى الإسلام فإن أجابوا، وإلا دعوا إلى الجزية، فإن أجابوا وإلا فالسيف. والمجوس مثلهم لأنه صلى الله عليه وسلم قال: ((سنوا بهم سنة أهل الكتاب)) وهم أهل كتاب على قول، فلا يكرهون على الإسلام إذا أدوا الجزية باتفاق على ذلك القول.

وقوله تعالى: {لا إكراه في الدين} [البقرة: ٢٥٦] لفظه لفظ الخبر ومعناه النهي، فإن أكره أحد ممن ذكرنا أنه لا يكره على الإسلام فهل ينعقد إسلامه ولا يكون عنه رجوع أم لا؟ ففيه في المذهب قولان، والشافعي يقول لا يصح إسلامه، وأبو حنيفة يقول يصح ويحكم به. والخلاف في المسألة مبني على أن النهي هل يدل على فساد المنهي عنه أم لا؟ فإذا قلنا

<<  <  ج: ص:  >  >>