بالمعاصي فلا عبرة بقوله. وأجمع أكثر أهل العلم على أنه لا حظ للنساء في الشهادة والحدود، وشذ عطاء فأجاز شهادتين فيها. وروي عن بعض السلف أنه أجاز شهادة ثماني نسوة في الزنا والرجم بشهادتين. وأجمعوا أيضًا على قبول شهادتين في الديون في الأموال خاصة. وهذا إذ كان معهن رجل ولم يوجد رجلان، فأما إجماع الأكثر على منع شهادتين في الحدود، فلقوله تعالى:{والذبن يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء}[النور: ٤] لأنه لا يقع الشهداء في اللغة إلا على ثم امضوا على هذا الحد جميع الحدود في الزنا والسرقة والفرية، وشرب الخمر والقصاص وما دونها. وأما إجماعهم على قبول شهادتين كما ذكرنا في الديون، فلقوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين} إلى قوله: {فرجل وامرأتان} ثم امضوا على هذا جميع الحقوق، والمواريث، والوصايا، والودائع، والوكالات، والدين. فلما صاروا إلى النكاح، والطلاق، والعتاق، والنسب، والولاء، لم يجدوا فيه ظاهرًا من القرآن كما وجدوا في تينك الآيتين. واختلفوا في التأويل، فشبهها قوم بالأموال على ما ذكرنا فأجازوا شهادتين فيها ولم يروها حدودًا. وأبى ذلك آخرون ورأوها كلها حدودًا. قال أبو عبيد: وهذا أختار لأن تأويل القرآن يصدقه، ألا تسمع قوله تعالى حين ذكر الطلاق والرجعة فقال:{وأشهدوا ذوي عدل منكم} فخص بها الرجال ولم يجعل للنساء فيها حكمًا كما جعله في الدين. وأبين من ذلك أنه سماها حدود الله. فقال:{تلك حدود الله}[الطلاق: ١] وقد اختلفوا في جواز استشهاد المرأتين مع وجود الرجل. فأجاز ذلك الجمهور وتأولوا قوله تعالى:{فرجل وامرأتان} أي إن غفل صاحب الحق استشهاد رجلين أو قصده لعذر ما يستشهد رجلًا وامراتين. وذهب قوم إلى أنه لا يجوز استشهاد المرأتين إلا مع عدم