إلا استحفاظ الشهادة فواجب عليه أن يجيب، وحملوا الآية على أن المراد بها ذلك وحده أو الأمران جميعًا. وذهب الأكثرون إلى أن ذلك غير واجب ورأوا أن الآية إنما هي في أداء الشهادة قالوا: لأن الشاهد لا يصح أن يسمى شاهدًا حتى يكون عنده علم بالشهادة وأما قبل أن يعلم فليس بشاهد ولا داخل تحت قوله تعالى: {ولا يأب الشهداء}.
وقوله تعالى:{ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرًا أو كبيرًا} إلى قوله: {إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم} الآية [البقرة: ٢٨٢]. لما علم الله تعالى مشقة الكتاب نص على رفع الجناح في تركه في كل مبايعة بنقد وأمر بالإشهاد لأنهما يتناجزان في قبض الثمن والمثمن، ولم يحتاجا إلى كتبه، لأن الغالب أنه لا يطرأ النسيان في مثل ذلك لقربه. وهذا والله أعلم [إنما هو] فيما قل من الأشياء، كالمأكول وشبهه، لا فيما يكثر كالأملاك وشبهها.
واختلف هل يشهد الشاهد على معرفة خطه في وثيقة لم ير فيها محوًا ولا بشرًا، ولا لحقًا، ولا أمرًا مستنكرًا. ورأى الكتاب شيئًا واحدًا إلا أنه لم يتذكر علمها. فقال ابن القاسم: لا يشهد حتى يحفظ القصة. وقال بعضهم في رواية الجواز أنها أوسع لأن حفظ ذلك صعب لا يستطاع عليه لكثرة الأمر. ويدل على صحة هذا القول قوله تعالى:{ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرًا أو كبيرًا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا} أي لا تشكوا وقد علم تعالى أن الناس ينسون. فلهذا أمر