للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحرمون ما يحرم إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين، فنزلت الآية.

وقوله تعالى: {ما نكح آباؤكم من النساء}: اختلف في تأويله، فقالت فرقة: يراد به النساء، أي لا تنكحوا النساء اللواتي نكح أباؤكم، فـ ((ما)) على هذا القول واقعة على من يعقل، وإنما جاز ذلك لأنه إنما أريد به نوع من النساء، و ((ما)) تقع على الأنواع مما يعقل. والذين ذهبوا إلى هذا القول مختلفون في قوله تعالى: {إلا ما قد سلف}، فقيل: معناه إلا ما قد سلف فدعوه. وقيل: لكن ما سلف فهو معفو عنه لمن كان واقعه، فكأنه قال: ولا تفعلوا حاشى ما قد سلف، وهذا استثناء منقطع. قال أبو الحسن: في هذه الآية دلالة ظاهرة للشافعي في أن من تزوج امرأة أبيه ثم وطئها مع العلم بالنهي والتحريم أنه زان؛ لأنه تعالى قال: {كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلًا}، فذكر في نكاح امرأة الأب مثل ذلك. وقال ابن زيد: المعنى إلا ما سلف من الآباء في الجاهلية من الزنا بالنساء لا على وجه المناكحة، فذلك جائز لكم زواجهن في الإسلام؛ لأن ذلك الزنا كان فاحشة ومقتًا، فالاستثناء على هذا متصل.

وقالت فرقة: ما نكح يراد به نكاح الآباء أي نكاحًا مثل نكاحهم أو لا تنكحوا كما نكح آباؤكم من عقودهم الفاسدة. واختلف أيضًا في تأويل الاستثناء، فقيل: معناه إلا ما تقدم منكم من تلك العقود الفاسدة، فباح لكم الإقامة عليها في الإسلام إذا كان مما يقر الإسلام عليه من جهة القرابة ويجوزه الشرع إن لو ابتدئ نكاحه في الإسلام على سنته. وقيل: المعنى إلا ما قد سلف فهو معفو عنكم.

وقوله تعالى: {إنه كان فاحشة}، قال المبرد: كان هنا زائدة،

<<  <  ج: ص:  >  >>