لبعضها صغائر بالإضافة إلى ما هو أكبر منها، وحجة القول الأول أن الله تعالى قد ميز بين الكبائر وما سماه سيئات بقوله:{إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه}[النساء: ٣١] الآية، فأخبر أن السيئات يكفرها اجتناب الكبائر إذا كانت الذنوب كلها كبائر، فأي شيء كفر بعد اجتنابها، فإذا لا بد أن تكون ثم ذنوب تغفر باجتناب الكبائر ولا تكون تلك إلا الصغائر، فثم إذا كبائر وصغائر. وقد اختلفوا هل تغفر الصغائر باجتناب الكبائر أم لا؟ فذهب عامة الفقهاء وجماعة أهل التأويل إلى أن الصغائر تغفر باجتناب الكبائر قطعًا، وذهب الأشعرية إلى أنه لا ذنب يغفر باجتناب ذنب آخر قطعًا، وهذا مبني على أصله من أن الذنوب كلها كبائر، فسووا بين الذنوب كلها، وجعلوا مرتكب شيء منها في المشيئة إلا الكفر؛ لقوله تعالى:{إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}[النساء: ٤٢]، واحتجوا بقراءة من قرأ:{إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر} على التوحيد يعنون الشرك. وقال الفراء: من قرأ كبائر فالمراد به كبير وأكبر الإثم الشرك، وقد يأتي لفظ الجمع يراد به الواحد. قال تعالى:{كذبت قوم نوح المرسلين}[الشعراء: ١٠٥]، ولم يأتهم إلا نوح عليه السلام وحده. وقال بعضهم: الكبائر هنا جاءت على الجمع؛ لأن المراد بها جميع أنواع الشرك التي لا تصلح معها الأعمال. قالوا: لجواز العقاب على الصغيرة كجوازه على