{واضربوهن} ولا أقل من أن يكون ذلك مباحًا بل لو قيل: إنه أمر ندب لكان ذلك حسنًا؛ لأن في ذلك إصلاح لهن ولو خلين وهواهن لهلكن. ولم يأمر الله تعالى في شيء من كتابه بالضرب صراحًا إلا في ذلك وفي الحدود العظام، فساوى معصيتهن للأزواج بمعصية أهل الكبائر، وجعل تعالى ذلك للأزواج عليهن رفقًا بالرجال، وإنما يكره في ضربهن التعدي والإسراف، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:((لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم))، واختلف في جواز ضربها في الخدمة، والقياس يوجب إذا ضربها في المباضعة جاز في الخدمة الواجبة للزوج عليها بالمعروف. ولا خلاف أنه إذا ضرب ضربًا يؤدي إلى الهلاك أنه ضامن، وحكم المؤدب والمعزر في ذلك حكم الزوج بخلاف حكم الصائل على الإنسان في ماله، فإنه يجوز دفعه وإن أدى إلى ذلك الدفع إلى هلاك الصائل.
وإذا قلنا: إن للرجل أن يضرب زوجته تأديبًا لها على ما جنته فضربها ثم ادعت هي أنه ضرب اعتداء، وادعى الزوج أنه ضرب أدب، ففي المذهب قولان في ذلك، أحدهما: أنه محمول على الاعتداء حتى يثبت غير ذلك. وقيل: إنه محمول على الأدب حتى يثبت الاعتداء، وهذا القول أليق بلفظ الآية؛ لأن الله تعالى قد أباح الضرب للزوج، وإذا كان كذلك فهو مصدق على أنه أدب، وقد جعل الله تعالى العظة والهجر والضرب مراتب: يبدأ أولًا بالأضعف وهو العظة، ثم بأشد منه وهو الهجر، ثم بأشد من الهجر وهو الضرب، وإن كانت ((الواو)) لا تعطي رتبة، ولكن