الشرع، فلا يلزمه حد ولا عتق ولا طلاق ولا بيع ولا شراء ولا شيء من الأشياء، ولم يروه داخلًا تحت التكليف، وتأولوا الآية على ما قدمناه.
واحتجوا بما وري عن عثمان:((ليس للمجنون ولا السكران طلاق))، وهو قول ابن عبد الحكم أن طلاق السكران لا يجوز. والثالث: أنه تلزمه الأفعال، ولا تلزمه الأقوال، وهذا قول الليث بن سعد، وحدة أهل هذه القول: قوله تعالى: {حتى تعلموا ما تقولون}؛ لأنه يظهر من قوله:{حتى تعلموا ما تقولون} أن السكران لا يعلم ما يقول، فإذا لم يعلم ما يقول سقط عنه حكم القول. والرابع: أنه لا يلزمه الإقرارات والعقود وتلزمه الجنايات والطلاق والعتق والحدود، وهو مذهب مالك وعامة أصحابه، وهو أصح الأقوال؛ لما يعضده من الأدلة المذكورة في غير هذا الكتاب، وهذا كله في السكران الذي معه بقية من عقله وينشأ من هذا الخلاف في صلاة السكران هل تصح أم لا تصح وعليه الإعادة؟ وهل النهي نهي كراهة أو نهي تحريم؟ وينشأ منه أيضًا الخلاف في صلاة من ائتم به، هل تصح أم لا؟ وفي هذا أنزلت الآية. وأما من شرب الخمر ولم يسكر فغنه مخاطب بالصلاة باتفاق، وهل حكمه في ذلك حكم من صلى بنجاسة في جسده أم لا؟ فيه خلاف. وينشأ من هذا أيضًا أن يقال: هل السكر حدث أم سبب للحدث، كالخلاف في النوم والإغماء والجنون. وأما الذي لا يعرف الأرض من السماء، فلا خلاف أنه كالمجنون؛ إلا فيما ذهب وقته من الصلوات فلا يسقط عنه؛ لأنه هو الذي أدخل السكر على نفسه بخلاف المجنون والمغمى عليه.