أسلموا ولم يهاجروا حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنهم من فتن فافتتن، ومنهم من خرج مع الكفار يوم بدر، فقتل وأبى الله تعالى قبول عذر من اعتذر منهم؛ إذ قالوا: كنا مستضعفين في الأرض، ثم عذر تعالى أهل الصدق، فقال:{إلا المستضعفين} الآية. وقال السدي: يوم نزلت هذه الآية كان من أسلم ولم يهاجر كافرًا حتى يهاجر، إلا من لا يستطيع حيلة وهذا قول ضعيف، بل غاية من لم يهاجر وهو باق على الإسلام أن يكون عاصيه بتركه الهجرة. وتحصيل القول في الهجرة أن الله تعالى افترض بهذه الآية على من أسلم بين أظهر الكفار أن يهاجر عنهم، وهذه الهجرة باقية إلى يوم القيامة. وأما الهجرة المنقطعة التي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيها:((لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا))، فهي أن يبتدئ أحد من أهل مكة أو غير هجرة بعد الفتح، فينال بها درجة من هاجر من قبل الفتح، ويستحق أن يسمى باسمهم ويلحق بجملتهم؛ لأن فرض الهجرة ساقط، بل كان ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته إلى هلم جرا. وذكر أبو عبيد في كتاب ((الأموال)) أن الهجرة كانت على غير أهل مكة من الرغائب ولم تكن فرضًا. يدل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام للذي سأله عن الهجرة: ((إن شأنها لشديد، فهل لك