للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي فطلقها طلقة ثم تراجعا فعاد فآثر الشابة فلم تصبر فطلقها أخرى، فلما بقي من العدة يسير قال لها: إن شئت راجعتك وصبرت على الإثرة، وإن شئت تركتك حتى يحل أجلك. قالت: بلى راجعني وأصبر، فراجعها فآثر الشابة فلم تصبر، فقال: إنما هي واحدة فإما أن تقري على ما ترين من الإثرة، وإلا طلقتم، فقرت فنزلت الآية. وقيل: نزلت بسبب أبي السنابل ابن بعلبك وامرأته، وهذا الآية تبيح جميع أنواع الصلح بين الرجل وامرأته، في مال أو وطئ أو غير ذلك. واختلف في المرأة إذا فعلت مثلما فعلت سودة، هل لها أن ترجع في ذلك وينتقض الصلح أم لا؟ والجمهور على أنه ينتقض بالرجوع؛ لأن ذلك الصلح فيه منافع تطرأ مع الإيحان فلم ينتجز قبضها فجاز فيه الرجوع. واختلف في بيعها اليوم ونحوه، والحجة لجوازه عموم قوله تعالى: {فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحًا}، واختلف متأخرو زماننا في المولي عليها يأبى الزوج من الانفاق عليها وترغب هي في أن تنفق على نفسها وتكون معه هل يكون ذلك لها أم لا؟

على قولين. وعندي أن عموم هذه الآية حجة لمن أجازه منهم.

وقوله تعالى: {والصلح خير}، قيل: هو عام في كل شيء، وقيل: الصلح على البقاء خير من الفرقة. وقد اختلف في الصلح الواقع بالحرام والمكروه. فقيل: لا يجوز شيء منه ويفسخ، والصلح كالبيع، وهو مذهب مالك وابن القاسم. وقيل: ما وقع من الصلح بالأشياء المكروهة فجائز، وإما بالحرام البين فلا يجوز ويرد إلى أن يفوت فتكون فيه القيمة، وهو قول مطرف. وقيل: الصلح بالحرام والمكروه يكره ابتداء، فإن وقع مضى ولم يرد وعلى هذا القول لا يكون الصلح كالبيع، وإنما يكون معروفًا، وهو قول أصبغ. وحجته عموم قوله تعالى: {والصلح خير}، فمل يخص حرامًا من حلال، وهذا عندي في الحرام الذي يحتمل وجهًا من الصحة. وأما

<<  <  ج: ص:  >  >>