فعند الثوري وأبي حنيفة: أنه لا ينقض الوضوء إلا نوم المضطجع خاصة. واحتجوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((لا وضوء إلا على من نام مضطجعًا))، وهذا الحديث قد ضعفه أبو داود وغيره والشافعي في أحد قوليه، ففرق بين النوم في الصلاة وفي غير الصلاة، فلا ينقض الوضوء في الصلاة وينقض في غيره، وعندنا في المذهب تفصيل كثير.
وحجة نم أوجب الوضوء في شيء من النوم عموم الآية، ولا خلاف عند القائلين المتقدمين في الآية إلى أن أمر الله تعالى بالوضوء في الآية إيجاب.
والذين ذهبوا إلى أن الأمر بالوضوء عام لمن أحدث ولمن لم يحدث، ورأوا لكل من قام إلى الصلاة أن يتوضأ محدثًا كان أو غير محدث، اختلفوا في ذلك الأمر هل هو أمر إيجاب أو أمر ندب؟ فذهب جماعة إلى أنه أمر ندب، فلم يوجبوا الوضوء على من قام إلى الصلاة وهو على وضوء بغير هذه الآية. وحمل بعضهم مذهب علي بن أبي طالب على هذا، وذهب بعضهم إلى أن الأمر بالوضوء أمر إيجاب بذاته، قالوا: فيجب على كل من قام إلى الصلاة الوضوء محدثًا كان أو غير محدث، ثم اختلفوا هل ذلك محكم أو منسوخ؟
فذهب جماعة إلى أنه محكم وأوجبوا الوضوء على كل قائم إلى الصلاة، وهو قول ابن سيرين وعكرمة وعبيد بن عمير. وذكر عن ابن عمر أنه يتوضأ لكل صلاة، وحمل قوم مذهب علي بن أبي طالب على هذا.