الذمي هل يكون بالحرابة ناقضًا للعهد أم لا؟ على قولين: الأظهر منهما، على عموم الآية أنه لا يكون ناقضًا. وقد اختلف في الذي تقتضيه الآية من الأحكام في المحاربين هل هو على ترتيب أم لا؟ فقيل: الإمام مخير فيمن لزمته الحرابة بين أن يقتل ويصلب، وبين أن يقتل ولا يصلب، وبين أن يقطع أيديهم أرجلهم من خلاف وبين أن ينفيهم من الأرض، وهو قول سعيد بن المسيب وعطاء ومجاهد والنخعي، وهذا هو المشهور من قول مالك، إلا أنه إذا قتل فلا بد من قتله عنده. واستحسن فيمن لم يقتل ولا أخذ مالًا أن يؤخذ فيه بأيسر العقاب، وحمل من قال هذا القول ((أو)) في الآية على التخيير. ومن حجتهم أن كل ما قال الله تعالى فيه: افعل كذا أو كذا فصاحبه بالخيار في فعل أي شيء شاء؛ مثل قوله تعالى:{ففدية من صيام أو صدقة أو نسك}[البقرة: ١٩٦]، ومثل قوله في كفارة الأيمان:{فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم}[المائدة: ٨٩] الآية. وقيل: هي مرتبة باختلاف صفة المحاربين، فمن كان من المحاربين ذا رأي أو تدبير قتله، ومن كان ذا قوة وبطش قطع يده ورجله من خلاف ومن لم يكن ذا رأي ولا بطش عزره وسجنه. وذكر الماوردي ذلك عن مالك وطائفة من أهل المدينة. وقيل: هي مرتبة باختلاف افعالهم لا باختلاف صفاتهم،