تعالى قال:{أن يقتلوا أو يصلبوا}، فبدأ بالقتل وهو اخف من الصلب فذلك يوجب التخيير على مذهبهم بين القتل والصلب، وهم لا يقولونه، وقد قال تعالى في جزاء الصيد:{هديًا بالغ الكعبة أو كفارة طاعم مساكين}[المائدة: ٩٥] الآية، فبدأ بالهدي وهو أغلظ من الإطعام والصيام، كان ذلك على التخيير لا على الترتيب. واختلف إذا كان المال الذي أخذه المحارب أقل مما يقطع فيه السارق هل حكمه في ذلك كحكمه في أخذ الكثير أم لا؟
فذهب قوم إلى أنه لا يقطع المحارب إلا إذا أخذ ما يقطع فيه السارق، ولم ير مالك ذلك، ورأى أخذه القليل كأخذه الكثير؛ وذلك لأن الحرابة واقع عليه قليلًا أو كثيرًا، ولم يأت في الشرع حد هل فاستحب عموم الآية في المحاربين لأنه من جملتهم، وقد استدل جماعة فقهاء قرطبة في أيام هشام بن عبد الحكم وحاجبه المنصور بن أبي عامر حين كشف عن عبد الملك بن منذر بن سعيد البلوطي القاضي صاحب الرد وجماعة سواه فيما أرادوه من خلع هشام وقتل محمد بن أبي عامر والاستبدال من هشام بابن عمه عبد الرحمن بن عبد الله، ووجه بذلك كتابًا لعبد الملك بن منذر إلى بعض من واعده على ذلك فأحضره المنصور وأحضر الكتاب بحضرة فقهاء قرطبة وقاضيها ابن زرب، فاعترف