وقالوا: هذا مخصص لعموم الآية. ورأى بعضهم أن الآية تدل على اعتبار الحرز، ولا يحتاج إلى خبر يخصص به العموم، وذلك أن الله تبارك وتعالى إنما أمر بقطع السارق، والسرقة مأخوذة من المسارقة، فلا يكون الرجل سارقًا إلا فيما أخذ مما أخفي عنه وأحرز دونه مسارقة عن العيون وعن أهله. وأما ما أهمل بغير حرز أو ائتمن عليه، فليس أخذه سارقًا وإنما هو مختلس أو خائن لصاحبه، فإذا اعتل بهذا في سقوط القطع عمن سرق من غير حرز، فالعلة فيه أنه ليس بسارق، فأمر الله تعالى بقطع يد السارق غير متناول له. وإذا قلنا: إنه سارق وإنما أسقطنا عنه القطع بالسنة المخصصة لعموم الآية، فأمر الله تعالى متناول له بعمومه، وهذا الذي قاله بعضهم ضعيف؛ لأن المسارقة موجودة فيمن يأخذ من غير حرز إذا أخذه من غير أن يشعر به، وجمهور الناس على أن القطع لا يكون إلا على من أخرج السرقة من الحرز؛ لأنه ما لم يخرجها فلم يسرقها بعد. وقال الحسن بن أبي الحسن: إنه يقطع وإن أخذ في الحرز. والقول الأول أظهر لما قدمناه، ومن ذلك أن ظاهر الآية يقتضي قطع السارق سرق قليلًا أو كثيرًا. وقد اختلف في ذلك على اثني عشر قولًا:
- فذهب طائفة وهم أهل الظاهر إلى إيجاب القطع في القليل والكثير على ظاهر الآية، واحتجوا لذلك أيضًا بقوله عليه الصلاة والسلام: