الأقوال في المذهب. ومن حجة من لم يجز شيئًا من الصلاة فيها أن المصلي غير مستقبل جمعيها، والله تعالى أمر باستقبالها فظاهره الحمل على الجميع، ومن حجة من أجاز أن من استقبل جزءًا منها فقد استقبلها.
والفرق بين الفرض والسنة وبين النافلة، وهو في ((الموطأ)) و ((البخاري)) و ((مسلم)) وإن كان قد ورد أيضًا أنه لم يصل فيها. فإذا صح فيها النفل صح الفرض وأجزأ على قول من رآه ولو نقض البيت -وعائذًا بالله من ذلك- لجازت الصلاة إلى جهته خلافًا للشافعي لقوله تعالى:{فولوا وجوهكم شطره}[البقرة: ١٤٤] والاعتبار البقعة دون البيت.
واختلف أيضًا في الثلاة فوق الكعبة، فقال أشهب: هو بمنزلة البطن ولا إعادة على من صلى الفرض هناك. وروي عن مالك أنه يعيد من فعل ذلك. ومنعه بان حبيب في النفل والفرض. وهو عنده بخلاف البطن. قال اللخمي: إنما ورد الخطاب في الصلاة إلى الكعبة ومن صلى عليها لم يصل إليها.
واختلف فيمن غاب عن الكعبة ولزمه الاجتهاد فيها، هل يلزمه الاجتهاد في إصابة الجهة؟ وإصابة العين؟ على قولين. وقول القاضي أبي محمد وأكثر أصحاب مالك أنه يلزمه الاجتهاد في إصابة الجهة، والدليل على ذلك قول الله تعالى:{فول وجهك شطر المسجد الحرام} الآية، والشطر النحو والجهة. وهذه المسألة في الاجتهاد لا يمكن أن تتصور بمكة، لأنه يمكن التوصل إلى اليقين فيها وكذلك في المدينة، لأن قبلة النبي صلى الله عليه وسلم فيها مقطوع بها فلا يصح مخالفتها لأنه صلى الله عليه وسلم نصبها. وهذا كالنص منه عليها. وقد روى ابن القاسم عن مالك أن جبريل -عليه السلام-