للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

على قِيْدِ رمحين أو ثلاثة في عين الناظر من الأُفُق، اسودَّت حتى آضَتْ كأنها تَنُّومة، فقال أحدنا لصاحبه: انطلِقْ بنا إلى المسجد، فوالله ليُحْدِثنَّ شأنُ هذه الشمس لرسول الله في أُمته حَدَثًا، فَدَفَعْنا إلى المسجد، فإذا هو بارزٌ، فوافَقْنا رسولَ الله حين خَرَج إلى الناس، قال: فتقدَّمَ فصلَّى بنا كأطولِ ما قام بنا في صلاةٍ قطُّ، لا نَسمَعُ له صوتَه، ثم رَكَع بنا كأطولِ ما رَكَع بنا في صلاةٍ قطُّ، لا نسمع له صوتَه، ثم سجد بنا كأطولِ ما سجد بنا في صلاةٍ قطّ، لا نسمع له صوتَه، قال: ثم فعل في الركعة الثانية مثلَ ذلك، قال: فوافَقَ تجلِّي الشمس جُلوسَه في الركعة الثانية، قال: ثم سلَّم فحَمِد الله وأثنى عليه، وشهد أن لا إله إلّا الله، وشهد أنه عبدُه ورسولُه، ثم قال: "يا أيها الناس، إنما أنا بَشَرٌ ورسولُ الله، فأُذكِّرُكمُ اللهَ إن كنتُم تعلمون أني قصَّرتُ عن شيءٍ من تبليغ رسالاتِ ربي، لَمَا أخبرتموني، حتى أبلِّغَ رسالاتِ ربي كما ينبغي لها أن تُبلَّغ، وإن كنتُم تعلمون أني قد بلَّغتُ رسالاتِ ربي، لَمَا أخبرتموني"، قال: فقام الناس فقالوا: نَشهَدُ أنّك قد بلَّغتَ رسالاتِ ربِّك، ونصحتَ لأُمتك، وقضيتَ الذي عليك، قال: ثم سكتُوا.

فقال رسول الله : "أمّا بعدُ، فإنَّ رجالًا يَزعُمون أنَّ كسوفَ هذه الشمس وكسوفَ هذا القمر وزوالَ هذه النُّجوم عن مَطالعِها لموتِ رجالٍ عظماءَ من أهل الأرض، وإنهم كَذَبوا، ولكنْ آياتٌ من آيات الله يَفتِنُ بها عبادَه لِينظُر من يُحدِثُ منهم توبةً، والله لقد رأيتُ منذ قمتُ أُصلي ما أنتم لاقونَ في دنياكم وآخرتِكم، وإنه والله لا تقومُ الساعة حتى يخرُج ثلاثون كذابًا، آخرُهم الأعور الدجال؛ ممسوحُ العين اليُسرى كأنها عينُ أبي تِحْيَى (١) - لشيخٍ من الأنصار - وإنه متى خَرَج، فإنه يَزعُم أنه الله، فمن آمن به وصدَّقه واتَّبعه فليس يَنفعُه صالحٌ من عملٍ سَلَفَ، ومن


(١) تصحف في المطبوع إلى: يحيى، بالتحتانية آخر الحروف، والصواب: تحيى، بالتاء، وقد ضبطه ابن حجر في "الإصابة" ٤/ ٢٧ بكسر المثناة وسكون الحاء المهملة وفتح التحتانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>