للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العليا حقيقةً.

وعلى فرض أن كثيرًا منها يبلغ درجة الحسن وحسب، فليس ذلك بمعارض لتصحيح الحاكم لها، وذلك لأن الحاكم لا يجعل الحَسنَ قَسيمًا للصحيح أصلًا، ولكنه يجعله من قسم الصحيح، قال ابن الصلاح: من أهل الحديث من لا يُفرد نوع الحسن ويجعله مندرجًا في أنواع الصحيح؛ لاندراجه في أنواع ما يُحتجُّ به، وهو الظاهر من كلام الحاكم أبي عبد الله الحافظ في تصرُّفاته (١). قلنا: وهذا ما ظهر لنا لدى عملنا في الكتاب، بخلاف النووي فإنه - كما هو معلوم - ممن يذهب إلى التفريق بين الحسن والصحيح (٢).

وقال محمد بن جعفر الكتّاني: ومذهب الحاكم إدراج الحسن في الصحيح، لكن هذا كله اصطلاح له ولا مشاحّة فيه (٣).

وأقرب بُرهان على كون الحاكم لا يفرق بين الصحيح والحسن، ويحكم على الكل بالصحة: أنه صحح أسانيد عدة أحاديث، ثم أعقبها بالحكم على بعض رواتها بوصف "صدوق"، لدفع توهُّم ما قد يُتوهّم من ضعف ذلك الراوي، مع أن الصدوق في اصطلاح المتأخرين من المُحدِّثين حديثه حَسنُ لا صَحيحُ، والمُطالع لكتاب "المستدرك" يجد مصداق هذا الذي قلناه. نعم، هو يُفرّق بين ما كان على شرطهما أو أحدهما وبين ما يصحح إسناده مطلقًا مما فيه رجلٌ صدوق، كما يشهد بذلك قوله بإثر حديث: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وفي إسناده عمر ابن الحسن، وأرجو أنه صدوق، ولولا ذلك لحكمتُ بصحته على شرط الشيخين.


(١) "مقدمة ابن الصلاح" ص ١١٠.
(٢) فقد فرّق في كتابه في علوم الحديث -وهو "التقريب"- بين النوعين، ثم ختم ذلك بقوله: ثم الحسن كالصحيح في الاحتجاج به، وإن كان دونه في القوة، ولهذا أدرجَتْه طائفةٌ في نوع الصحيح. انظر "تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي" ١/ ١٧١.
(٣) "الرسالة المستطرفة" ص ٢٢ - ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>