للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابرٍ، قال: أنت الحُمَّى النبيَّ فاستأذنت عليه، فقال: "مَن أنتِ؟ " قالت: أنا أمُّ مِلْدَم، فقال: "أَتُهدَيْنَ إلى أهل قُباءٍ؟ " قالت: نعم، قال: فأتَتَهم فحُمُّوا ولَقُوا منها شدةً، فاشتَكَوا إليه، قالوا: يا رسول الله، ما لَقِينا من الحمَّى، قال: "إن شئتُم دعوتُ الله فكَشَفَها عنكم، وإن شئتُم كانت لكم طَهورًا"، قالوا: لا، بل تكون لنا طَهورًا" (١).

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.

١٢٩٧ - أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمَّاك ببغداد، حدثنا علي بن إبراهيم الواسطي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "لا يزالُ البلاءُ بالمؤمن في نفسِه ومالِه وولدِه،


(١) إسناده قوي من أجل أبي سفيان - وهو طلحة بن نافع - وفي متنه غرابة. جرير: هو ابن عبد الحميد.
وأخرجه ابن حبان (٢٩٣٥) من طريق عثمان بن أبي شيبة، عن جرير بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد ٢٢/ (١٤٣٩٣) عن أبي معاوية، عن الأعمش، به.
وقد صحَّ من حديث عائشة عند البخاري (١٨٨٩)، ومسلم (١٣٧٦) أن النبي دعا للمدينة تنقل حمّاها إلى الجُحفة، والجحفة ميقات أهل مصر والشام إذا لم يدخلوا المدينة، وهي جنوب غرب المدينة، قرب مدينة رابغ على الساحل. قال الخطابي وغيره كما في "شرح النووي على صحيح مسلم" ٩/ ١٥٠ - : كان ساكنوا الجحفة في ذلك الوقت يهودًا.
وقال ابن بطال في "شرح البخاري" ٤/ ٥٥٩: فكانت الجحفة يؤمئذ دار شرك، وكان رسول الله كثيرًا ما يدعو على من لم يجب إلى الإسلام إذا خاف منه معونة أهل الكفر حين يئس منهم، فقال : "اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف". انتهى، قلنا: ولا غرابة في ذلك، إنما الغرابة في إهداء الحمى إلى أهل قباء، وهم أهل إسلام، إلّا أن يقال: إنَّ الحمى التي أرسلها النبي إلى أهل قباء ليست حمى الوباء كالتي دعا بها على أهل الجحفة، وإنما رحمةٌ من ربنا للتكفير، أشار إلى ذلك ابن رجب في "البشارة العظمى للمؤمن بأن حظه إلى النار الحمى" ضمن مجموع رسائله ٢/ ٣٨٣، والشريف السمهودي كما في "شرح الزرقاني على موطأ مالك" ٤/ ٣٦٣، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>