للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا أخرجا لرجل وتجنّبا ما تفرّد به أو ما خالف فيه، كما أخرج مسلم من نسخة العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ما لم ينفرد به، فلا يَحسُن أن يقال: إن باقي النسخة على شرط مسلم؛ لأنه ما خرج بعضها إلا بعدما تبين له أن ذلك مما لم ينفرد به، فما كان بهذه المثابة لا يلحق أفراده بشرطهما، وقد عقد الحاكم في كتاب "المدخل" بابًا مستقلًا ذكر فيه من أخرج له الشيخان في المتابعات، وعدد ما أخرجا من ذلك، ثم إنه مع هذا الاطلاع يخرج أحاديث هؤلاء في "المستدرك"، زاعمًا أنها على شرطهما!

ولا شك في نزول أحاديثه عن درجة الصحيح، بل ربما كان فيها الشاذُّ والضعيف، لكن أكثرها لا ينزل عن درجة الحسن، والحاكم وإن كان ممن لا يفرّق بين الصحيح والحسن، بل يجعل الجميع صحيحًا تبعًا لمشايخه، كما قدمناه عن ابن خزيمة وابن حبان، فإنما يُناقش في دعواه أن أحاديث هؤلاء على شرط الشيخين أو أحدهما. وهذا القسم هو عُمدة الكتاب.

القسم الثالث: أن يكون الإسناد لم يخرجا له لا في الاحتجاج ولا في المتابعات، وهذا قد أكثر منه الحاكم، فيخرج أحاديث عن خلق ليسوا في الكتابين ويُصححها، لكن لا يدعي أنها على شرط واحدٍ منهما، وربما ادعى ذلك على سبيل الوهم، وكثير منها يُعلّق القول بصحتها على سلامتها من بعض رواتها، كالحديث الذي أخرجه من طريق الليث عن إسحاق بن بزرج عن الحسن بن علي، في التزيين للعيد. قال في إثره لولا جهالة إسحاق لحكمتُ بصحته (١). وكثير منها لا يتعرّض للكلام عليه أصلًا، ومن هنا دخلت الآفة كثيرًا فيما صححه، وقل أن تَجِدَ في هذا القسم حديثًا يلتحق بدرجة الصحيح، فضلًا عن أن يرتفع إلى درجة الشيخين، والله أعلم.

ومن العجيب ما وقع للحاكم أنه أخرج لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقال


(١) "المستدرك" (٧٧٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>